كتاب يَستعرض أهم أحداث السيرة النبوية، ويَستخرج منها الأحكام الفقهية المتعلِقة بالتشريع، والدروس المستفادة منها بعد كل حَدَثٍ، وكيف أنَّ معرفة أحكام السيرة مهمٌ بقدر معرفة الحدث نفسه؛ فهذا الكتاب لا يحكي أحداث السيرة النبوية بالطريقة العادية التي تعتمد على مجرد الحكاية، بل يحكي الأحداث والدروس المستفادة منها في الواقع الحالي وأهميتها بالنسبة للمسلم، وفي كل حدث من هذه الأحداث تخرج فوائد عظيمة وأحكام جليلة.
كانت الجزيرة العربية هادئة وبعيدة عن مظاهر الاضطرابات التي كانت توجَد في بلاد (فارس ) و (الروم )؛ فلم يَكن لدى أهْلها من الترف والتقدّم الفارسي ما يجعلهم يَتفننون في خَلْق وسائل الانحلال، أو مظاهر الإباحية والانحطاط الأخلاقي، ووضْعها في قوالب من الدِّين، ولم يَكن لديهم من الطغيان العسكري الروماني، ما يبْسِطون به أيديهم بالتسلّط على أي من الأراضي التي حوْلهم، ولم يُؤتوا من ترف الفلسفة والجدل اليوناني، ما يُصْبِحون به فريسة للأساطير والخرافات.
كانت طبائعهم أشبه ما تَكون بالمادة الخام التي لم تَنصهر بعد؛ فكانت تَظهر فيها الفطرة الإنسانية السليمة، والنزعة القوية إلى الاتجاهات الإنسانية الحميدة: كالوفاء، والنجدة، والكرم، والإباء، والعفة، إلا أنهم كانوا يحتاجون إلى المعرفة التي تَكْشف لهم الطريق إلى كل ذلك. وباعتبار أنهم كانوا يعيشون في ظلمة من الجاهلية البسيطة، والحالة الفطرية التي تحوّرت قليلًا؛ فقد ضَلُّوا الطريق إلى تلك القيم الإنسانية؛ فوأدوا البنات بدافع الشرف والعفة، وأتلفوا الأموال الضرورية بدافع الكرم، وأثاروا فيما بينهم المعارك بدافع العزة والنجدة.
إنَّ الجزيرة العربية تقع جغرافيًا في نقطة الوسط بين هذه الأمم التي كانت حَوْلها، والناظر إليها اليوم، يَجِد كيف أنها تقف في الوسط التام بين حضارتين قويتين: الأُولي حضارة الغرب المادية، التي قَدَّمت عن الإنسان صورة غريبة، لا تقع حتى على جانب جزئي من الحقيقة، والثانية الحضارة الروحية الخيالية في أقصى الشرق، كتلك التي كانت تعيش في (الهند ) و ( الصين) وما حوْلهما.
إنَّ لِهذه الخلوة التي حُبِّبت إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل البعثة دلالة عظيمة جدًا، ولها أهمية كبرى في حياة المسلمين عامة، والداعين إلى الله بصورة خاصة؛ فهي تُوضِّح أن المسلم لا يكتمل إسلامه- مهما كان متحلّيًا بالفضائل، وقائمًا بألوان العبادات- حتى يجمع إلى ذلك ساعات من العزلة والخلوة ما يحاسِب فيها نفسه، ويراقِب فيها ربه، ويتفكِر في مظاهر الكون، ودلائل ذلك على عَظَمة الله.
والعزلة هي ضرورة لأي مسلم يريد لنفسه الإسلام الصحيح. فكيف بمن يريد أن يضع نفسه موضع الداعي إلى الله، والمرشِد إلى الطريق الحق؟
الحكمة من العزلة: أنَّ للنفس آفات لا يقضي عليها سوى العزلة عن الناس، ومحاسبة النفس في خلوة من ضجيج الدنيا ومظاهرها؛ فإذا قام المسلم بذلك؛ ظهرت له في قلبه محبة إلهية كبيرة، تجعله يَستصغر كل عظيم، ويَحْتَقر كل مغرية من المغريات، ويستهين بكل إيذاء وعذاب، ويَستعلِي فوق كل إذلال أو استهزاء؛ فتلك هي العُدَّة الكبرى، التي ينبغي أنْ يَتسلح بها الدعاة إلى الله، وتلك هي العدة التي جَهَّز الله بها حبيبه (محمدًا )؛ ليقوم بأعباء الدعوة الإسلامية بعد ذلك.
لكن لا ينبغي أن يُفْهَم معنى الخلوة - كما شَذَّ البعض؛ ففَهَموها حَسب شذوذهم - أنها الانصراف الكلي عن الناس، واتخاذ الكهوف والجبال موطنًا، واعتبار ذلك فضيلة بحد ذاتها.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان